الجفاف العاطفي:
وآثاره السلبية على الفرد والمجتمع
بقلم ..
– الباحثة الإجتماعية في قضايا المرأة والمجتمع
– رئيسة سفراء الشعر العربي في سوريا
– الإعلامية
– الدكتورة سراب الشاطر
•••••••••••••••••••••••••
لماذا أصبحت حياتنا تميل للجفاف في العاطفة؟
لماذا قلت المشاعر الجميلة الدافئة؟
لماذا أصبح الحب كسلعة يباع ويشترى وتستخدم قدسيته لتحقيق المصالح؟
هل هناك ماأثر على حياتنا حتى غير أحاسيسنا وجنح بها نحو الجفاف العاطفي؟
أنها فجوة كبيرة في الشعور ونقص في العلاقات الإجتماعية والإنسانية بين الأفراد. وكلنا يعلم بأن هناك سلوكيات مكتسبة منذ السنوات الأولى من عمر الفرد تنمو معه لتشكل سمات شخصيته ..
فيقال إن هذا الشخص ودود، وذلك الشخص جافٌ مُنفر ،وإن هذا الشخص متفاهم واسع الأفق..
كل هذه المفاهيم مرتبطة بالجفاف
العاطفي
بصورة أو بأخرى فالجفاف قد يكون من أكثر العوامل التي تؤثر على الشخصية وعلى التفاعل الإجتماعي تحديداً، وبسببه يتحول الفرد إلى شخص سلبي غير فعال وذو شخصية منفردة بالإضافة لنظرةٍ سوداوية للموضوعات وكذلك قد تتمدد ليصبح الشخص عصبي المزاج.
بينما لو أحطنا الشخص منذ فترة مُبكرة من حياته بأشخاص لطيفين واجتماعين فإن هذا سيؤثر على سلوكه المُتعلَمْ بل وحتى على السلوك العام في المجتمع بالإضافة إلى منحه القدرة على مواجهة التحديات بإيجابيةوقوة.
إن لدفء المشاعر والتعبير الأثر الأكبر في تكوين فرد بشخصية متوازنة ولاشك في أن الكبت يقود إلى العصبية وتقلب المزاج الحاد. وللأسف ….. مجتمعاتنا تعاني من مشكلة التعبير عن المشاعر منذ الطفولة فالطفل قد يعامل بطريقة جافة خالية من المشاعر وكذلك حرمانه من التعبير عنها فيقال له إذا كان صبياً “لا تبكِ فأنت رجل” وهذا يدل على أنها دعوة للرجل بأن لاتتأثر مشاعره بأي حدث يصل به لدرجة البكاء!
وفي إطار الزواج نجد هذه الصفات بشكل أعمق إذ لايعبر الأزواج عن حبهم أمام أبنائهم بالحديث أو الكلمات وتظهر انفعالاتهم القاسية فقط مما بسبب شرخاً معنوياً للأطفال ويزيد من جفافهم العاطفي .
وللعلم فإن مجتمعاتنا الأسرية بحاجة للعاطفة بما لا يقل أهمية عن الحاجة للغذاء بل قد يكون من العوامل الأكثر أهمية في بناء شخصيتهم المتوازنة نفسياً كي تنعم بالسلام الداخلي فمن المهم جداً أن نظهر العاطفة لأطفالنا ولبعضنا وتكون متبادلة بيننا وأن تعم المودة والرحمة بين الناس ونلغي الشحناء والبغضاء وهذا يساعد في اختفاء ظاهرة سيئة وهي عقوق الأبناء والأباء والأمهات فغالباً ماتكون نتاجاً للجفاف العاطفي .
ومدخل الراحة النفسية بالتعبير عن المشاعر (إيجابية أو سلبية) يجعل الفرد في راحة داخليه تقلل من آثار الإحباط والاكتئاب على المدى البعيد. كما نلاحظ تأثير الجفاف العاطفي أيضاً منذ اللحظات الأولى للجنين فهناك أجنة تولد مبتسمة للحياة وآخرين يستقبلون الدنيا بوجه عابس متجهم ويعود تفسير الباحثين لهذه الحالة بضبطها سيكولوجياً بحالة الأم أثناء الحمل إذا كانت تعيش حياة مريحة أو تعاني من نقص الحب فنمو الأطفال لايقتصر على الناحية الجسدية بل هناك النمو العاطفي والنمو الذهني وغيرها من أنواع النمو وقد أوضحت الدراسات بأن الأطفال الذين يعانون من عدم الإهتمام والعاطفة والحنان تظهر في شخصيتهم أثار العدوان والعنف والتنمر ضد أقرانهم والمشاكسة لجلب الانتباه إليهم لهذا نرى أطفالاً أكثر لطفاً من الآخرين بسبب استقرارهم العاطفي.
كما تعتبر هذه الظاهرة من المشاكل الكبرى التي يعاني منها الأزواج في المجتمعات العربية وتصيب حياتهم بحالة من الركود أو الملل بسبب إهمال الزوج للجانب العاطفي والانغماس بشكل كبير في الانشطة الاقتصادية والعمل على حساب الشريك. أو عدم تكيف كل طرف مع حاجات ورغبات الطرف الآخر فتنهار التوقعات الوردية للحياة الزوجية التي سرعان ماتتحطم على صخرة الواقع والالتزامات الأسرية. ومن أسباب الجفاف العاطفي أيضاً ضعف التعبير والكلام الجميل بين الطرفين أو الاهتمام المبالغ بالأولاد لذا تتجاهل الزوجة مهامها تجاه الزوج بسبب أعباء الحياة الزوجية الكثيرة فتختار رعاية أبنائها على حساب تلبية احتياجات زوجها، أو تنصرف عنه بالإهتمام لصديقاتها.
أو أن الزوج ينغمس بأعماله وكأنه عازب متجاهلاً دوره تجاه شريكة حياته
والبخل العاطفي ووسائل التواصل الإجتماعي لها دور ونصيب كبير أيضاً في زيادة الهوة العاطفية بين الزوجين.
لذلك من المهم أن نتعرف كيف يمكن لنا
التخلص من ظاهرة الجفاف العاطفي المنتشرة في الآونة الأخيرة؟ و ردم هذه الهوة بين الطرفين ؟!!!
يجب علينا أن نحسن اختيار الاصدقاء
ونخصص أوقات محددة للإنترنت
و أن يكون هناك نقاش بين الأباء والأبناء ليساعدهم على بناء شخصيةقوية متوازنه…
وتقرب الوالدان من أبنائهم سواء كانوا شباباً أو فتيات والتعبير عن حبهم لهم دون أي خجل.
و يجب مراقبة الآباء لأبنائهم دون شعورهم بذلك لمعرفة سلوكهم جيداً.
ومن المفروض أن نشعر أبنائنا بأنهم محل ثقة حتى يصبحون أكثر ثقة بأنفسهم واشغال وقت فراغهم بأشياء مفيدة .
وتعزيز نشاطاتهم بهدايا من وقت لآخر.
والمصارحة بين الأزواج
والإهتمام بشريك الحياة وتوفير الأمان والحب من كلا الطرفين
و السرعة في حل الخلافات بين الشريكين حتى لايحدث شرخاً في العلاقات
الزوجية…
احترام المشاعر بين الطرفين
وعدم إهمال العلاقة الحميمة لأنها روح العلاقة الزوجية
و ترك يوم إجازة للأسرة للترفيه بنشاطات محببة
لكسر الملل والروتين الذي يعتبر الدافع الأساسي لنمو الجفاف العاطفي داخل الأسرة وبين الأزواج.
و البعد عن القسوة في التعامل لأنها تهدم جسور المحبة وتقتل الحب.
وبكلمة أخيرة..
الجفاف العاطفي مدمر للعلاقات الإنسانية
والحياة عبارةعن كتلة مشاعر
وعواطف
روح وجسد تؤثر وتتأثر بما حولها لهذا نحتاج إلى الوعي وتغير أسلوب حياتنا والتعمق أكثر في سر الروح البشرية وبما يدور في خلجاتها و فؤادها من أفكار وآمال لنعيش بسعادة وننعم بالهناء ضمن مجتمع أسري يسوده الحب والأمان..!!
تحياتي والورد لكم متابعين
د. سراب الشاطر