كتبت تهاني عناني
قال تعالى(يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (البقرة: 168)، وقال أيضاً (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ، وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) (المائدة:87-88).
فأمر سبحانه الناس عامة بالأكل من الحلال الطيب، وأمر المؤمنين خاصة بالأكل من طيبات ما رزقهم الله عز وجل، وأن يشكروا الله على نعمته، ويتجنبوا الحرام، لأن المحرم يغذي تغذية خبيثة، وأما الطيب فإنه يغذي تغذية طيبة، وله آثار حميدة على جسم الإنسان وعلى تصرفاته وأخلاقه، وأما الخبيث فإنه يغذي الجسم تغذية خبيثة، وينعكس ذلك على تصرفات الشخص وأعماله، فإنها تكون خبيثة بتأثير طعامه الخبيث، فدل هذا على ما للمطعم من أثر على الإنسان، إذا كان مطعماً طيباً يتأثر به خيراً، وإذا كان مطعماً خبيثاً يتأثر به شراً.
ومن أسمى غايات رسالة نبينا محمد أنه يحل الطيبات، ويحرم الخبائث. قال عليه الصلاة والسلام (إنَّه لا يدخُلُ الجنَّةَ لحمٌ ودمٌ نبَتا على سُحتٍ النَّارُ أَوْلى به) (صحيح الترمذي)، وفي الحديث التحذير من أكل الحرام لأن مصير كل حرام إلى النار، والأبناء يجنون ثمار الآباء، لأن الحرام يعود على من تعول وليس على شخصك فقط وقال رسولنا الكريم (كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يَقُوت) (صحيح مسلم).
فلا يجوز للأب تضييع من استرعاه الله عليهم من الأبناء والبنات والزوجة، بأن يهملهم لا ينفق عليهم، أو ينفق عليهم من حرام، فالواجب الحذر، وأن يكون كسب المسلم حلالًا، وليحذر ظلم الناس، أو أكل الربا، أو الغش في المعاملات، أو سرقة أموال الناس، أو ما شابه ذلك. وذكر أيضاً (الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يارَبِّ، يارَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟) (رواه مسلم).
فالكسب الحرام قطع صلة هذا الرجل بربه، فحيل بين دعائه والقبول، لأنه أكل من حرام، واكتسى من حرام، ونبت لحمه من حرام، فلم يستجاب له.
ومن مأثور حكم لقمان “يا بنيّ استعن بالكسب الحلال عن الفقر فإنه ما افتقر أحد قط إلا أصابه ثلاث خصال:- رقة في دينه، وضعف في عقله، وذهاب مروءته”.