قطعة حلوى*
أتيتُك من بحرِ الكلام
من لـجَّةِ القهرِ المرام
من موسيقى الأنين القديم
أتيتُك من عالمٍ يحتويه الظلام
كنْتُ فيهِ القتيلَ الوحيدَ المدان
ما بينَ نور الصباحِ
وأوَّلَ خيطٍ لضوءِ جديد
أيام قليلة ….وترحل اللقاءات
يركضون مثلي للأمام
كغصون تلهو بها الرياح الحزينة
أصوات رنَّةُ كالأفاعي تفحُّ بأُذني
وتزحفُ ما بين أقصى الشمالِ وأقصى الجنوبِ
تقيد فينا ….أشواقا
وكانو يزحفون
والفراق الأبدي
يخط طريقه
تدورالدواليبِ والجريُ طويل
ووجهُ الذكريات قطعةحَلوى
تقهقِهُ حينَ نمدُّ يَديْنا
تتركُنا حينَما لا نقاوم ….
بعض الرسائل في صوت وصمت
وحينَ نكب بكاءنا على الرملِ شوقًا
ونلتفُّ من حولِ نارِ المساءِ، نراقِبُ
فينا بعض الصور
ببعض الحب وبعض الأثر
أو تراها حمائم
العائدات
قطعة حلوى
يراودُنا سحرُها مرتينْ
تعطِّرُ أنفاسَها مرتينْ
تقدِّمُ كأسًا من الروعة والقبول
وحينًا تقدِّمُ رأسَ للوسادة
وتصهلُ فينا خيولُ العيون
تعود نفس الخيالات…هكذا كان الأحبة
هنا كانوا
هنا كنا…في ساحات التعلم
وتلك الكراسي واقفات
وتلك الأشباء التي تشبهنا
تضم الساعات
وينبثِقُ الأمل من كلِّ فجٍّ
خِفافًا ثِقالا دائق وبسمات
ويلتهبُ الحنين السامريُّ
أحلاما .. ورؤى
أشواقا.. و أماني
وينهمرُ الدمع تراه اقترب
الحيل ميلًا فميلا
ولم تستطعْ حيلُنا الخفية
تحت الرموش إلى الذابلات
أن تستبيحَ الأصيلا ورودا
وأنْ تستريحَ على شرفةِ الصدفة
ترشفُ من كفِّهِا زمزما أو سلسبيلا
لأنَّها جهلت الدروبَ
لأنَّنا رحلْنا ولكنَّنا لا نجيدُ الرحيلا
لأننا أضَعْنا سماتِ المحبة
أضَعْنا الصفاتِ الجميلة
أضَعْنا التذكر
ولم نتَّخذْ من نجومِ السماء
طريقا تهدينا….
ولا من الأرض سكنا بديلا
وعطرِ الترابِ يفوح
يبرز بعض خطانا
– إذا ما سرَنا إليها –
دليلا
ويقذفُنا الموجُ في كلِّ حينْ
فحتاج رياحا
شراعٌ يغطِّي شراعًا
وفيه قد ترسوا سفينة
وصوتٌ يطاردُ صوتًا
من بعيد الحنين
صار غولا…بريئا
وترجفُ من تحتِنا الأرضُ رجفًا
عسانا نهزم ليالينا
قطعة هزت سكون الشاعر
وأججت فينا
وفي كلِّ ركنٍ سؤال
جريء
ومِن فوقِ كلِّ جوادٍ
تظهر أثار تركنا
فمن ينقذُ الذكريات من
… ضربِ المناكبِ وكر السنين
هروب الأطياف
ومِن النسيان فوقَ الرصيفِ
فمن ينقذُ الروح من قهقهاتِ
قطعة كانت العجينْ
تعطينا عند كل لقاء
ذكريات ….وتدعا فينا الفؤاد
ليبقى وفيا …بذوق السكر
*****
نقموش معمر الجزائر