خفايا الحوار وعلاقته بالجهل *
الحوار هو عملية تشاور متبادلة بين مجموعة من الأطراف لحل قضية ما بنتائج مرضية لجميع أطراف الحوار
فهو يهدف لإيجاد تفاهمات مشتركة تعتمد على المنطق العقلي، قد يكون للحوار خفايا وخيارات توصل لنتائج تفضي إلى التوافق أو الاختلاف .
و في كلا الحالتين توجد بصمات قد تكون مصدر قلق أو مصدر للأمل.
الحوار بحسب أطرافه يأخذ هيكلية تحدد نوعية الحوار وأقطابه ، نبدأ بذكرها بشكل تسلسلي منها
الحوار العائلي، وهو حوار يجمع بين جميع أفراد العائلة
نتائجه إحدى الحالتين ( التوافق…الخلاف )في الآراء ، في حال التوافق وتقارب وجهات النظر
سيكون نتائج الحوار بناءة ومصدر أمل وتفاؤل وتأثيرها الإيجابي المطلق على جميع مكونات المجتمع هي إحدى أهم الركائز الأساسية للنهوض بواقع أداء الفرد، و سنحصل على نواة حقيقية للإصلاح ؛ أي عائلة متفاهمة متعاونة منتجة لفكر صحيح متوازن وذلك باعتبار الفرد من أهم العناصر الرئيسية في بناء هيكلية الذات بشكل تنموي علمي أخلاقي
ولكن في حال الخلاف سيكون الحوار مصدر قلق لما له من نتائج سلبية تؤثر في ثقافة الفرد و ذلك التأثير السلبي سيكون مطلقاً بالعموم على المجتمع و ينتج عنه ظهور بؤر الفساد والظلم والخيانة والغدر مهما كان المجتمع مترابطاً وبالتالي فإن الحوار سيفضي بالنهاية إلى كوارث و انحلال أخلاقي يظهر في سلوك الفرد السلبي المؤدي إلى إضعاف أسس ومرتكزات عالم النهضة بعناصرها الثلاثة ألا وهي العلم والأخلاق والاحترام .
إن مسارات الحوار العائلي تدخل ضمن لوائح متنوعة أهمها
الخلاف حول الميراث
الخلاف حول طبيعة العلاقة بين الزوجة والأم
الخلاف حول طرق التعامل بين جميع أفراد العائلة
الخلاف في وجهات النظر بين جميع أفراد العائلة
الخلاف حول العمل على إعداد خطة عمل مشتركة للنهوض بواقع أداء الفرد .
و هناك العديد من ظواهر الخلاف أيضاً والتي قد يكون تأثيرها السلبي ذو مسارات متعددة وهي بالتالي منتجة لأكبر داء يهدد الأمم ألا وهو
الجهل الذي يعتبر من أسوأ الآفات المؤثرة في تعزيز ثقافة الهدم و التي يسعى إليها الاستعمار وأعداء الإنسانية،كما أنّ الجهل يسهم في إبراز تصدعات أخلاقية في تكوين هيكلية الإنسان و يقود إلى حوار فردي متعنت يرسم بيئة اجتماعية منعزلة للفرد.
ومن مسارات الحوار
الحوار بين أقطاب غير متوازنة كالتي تكون بين الأعلى والأدنى وهنا نميز بين حوار المسؤول مع موظفيه أو حوار القوى العظمى والذي يمكن أن نسميه مساومة حول تسويات أو في سبيل السيطرة أي حوار المصالح ، وهذا يختلف عن الحوار العائلي من حيث الأهداف والنتائج لانّه يبتعد عن المنطق وتسيطر عليه لغة المصالح اي هو عبارة عن تسويات لا تمت للحوار بصلة لأن أقطابه ينتهجون مبدأ القوة في الطرح ولا يعتمدون على المنطق العقلي .
وبالعودة إلى الحوار بين المسؤول مع موظفيه فهو يأخد اتجاهات متعددة و أعتقد بأن ثقافة المجتمع والعمل بأسس القانون هي أهم مؤثر في نتائجها، وعليه يضعف تصنيفه كحوار ، إلا أن هناك بعض الاستثناءات والتي تعتبر كطفرة جينية لا تعمم ،
وفي نهاية المطاف نجد أن مسارات الحوار كلها بحسب أقطابها لا تتعادل ولا يمكن اطلاق تعميم عليها.
وأخيراً لابدّ من تنويه حول المصطلح و الأسس التي يقوم عليها كي لا نقع بالخلط و الغلط ، يجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها. فللحوار أسس ومبادئ لا يمكن تجاوزها و هيكلية للنتائج يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار ، وقد كانت أمثلة الحوار كثيرة في القرآن الكريم مبينة للمنهج القويم الذي يفضي إلى نتائج حتمية بشكل مسبق قوامها المنطق والتوازن بعيدة عن الجهل والتعصب تقود إلى بناء أمة متماسكة وكما قال الشاعر أحمد شوقي
العلم يبني بيوتا لا عماد لهـــــــــــــــا ********** والجهل يهدم بيوت العز والكـــــــــرم
بقلم
الأديب محمد ديبو حبو
والأديبة غادة مصطفى