قراءة تحليلية لقصيدة الشاعرة المتألقة :
♦ ذكاء رشيد ♦
بعنوان : ❤سيد روحي❤
قراءة : د. Larbi Izaabel
عجيب أمر هذه الشاعرة المحترمة د/ ذكاء رشيد في هذه القصيدة !! لا يمكن للقارئ المتسرع أن يسبر أغوارها ومراميها وتحديد الغرض الشعري الذي من أجله نظمت هذه القصيدة الفنية الراقية ؛ القصيدة ليست غزلا كما يرى في أول وهلة …فالشاعرة جادة في قولها …لبقة في التعامل مع المعنى والمبنى والموضوع والغرض في هذه القصيدة العميقة الدلالة ؛ شاعرة مهووسة( بالحرف) العربي ( لغة الضاد ) من رأسها إلى أخمص قدميها …شاعرة بالسليقة ؛ تمطط اللغة وهي العارفة بمكامن الجمال فيها ….سأقف هنا لحظة لأعطي الغرض الشعري والابداعي في هذا النص : اللوحة الفنية في البوح !!
إنها لا تتغزل ولا تصف ولا تتملق ( لرجل ) ! بل تعبر عن أهمية القريض والشعر في حياتها وتبرز بالدليل والبرهان الذي سيأتي على أن الشاعرة د/ ذكاء رشيد تتحدث عن سبق اصرار وترصد عن ( سيد روحي) الذي هو القصيد والشعر …وهذه قضية اشتغل عليها النقاد والمختصين واستاذة أكاديميين منذ مدة ..ومازالت الإشكالية تراوح مكانها وتسكب مدادا كثيرا وما زال الاشكال والاختلاف قائما ما دامت المدارس النقدية متعددة والمذاهب في ( الأدب) لا حد لها ؛ خاصة بعد بروز أشكال حديثة في الشعر العربي ؛ منه الومضة flash back…والهايكو و…علاوة على الشعر الحداثي والشعر العمودي والشعر النثري والشعر الحر الموزون…..
نعم هذا هو العمق الفكري عند شاعرتنا الأصيلة د/ ذكاء رشيد العالمة بدهاليز كل ما تقدم من أغراض شعرية ….
هنا نعود إلى ( عنوان النص) : سيد روحي ..وضده : أنا عبد روحي !!! فالعنوان مكون من خبر لمبتدإ محذوف تقديره وجوبا (هو) وهو مضاف وروحي مضاف إليه وهو مضاف إلى ياء المتكلم المضاف إليه!!! الشكل الفني التعبيري عند د/ ذكاء رشيد يبدأ منذ الشهقة الأولى من هذه القصيدة ( الجادة’) كما أسلفت سابقا ….ليست اطلاقا قصيدة في الغزل أو الوصف بل قصيدة تؤكد العلاقة السببية والواقع الحقيقي بين الشاعرة والشعر …فهو حبيبها….
يدنو مني ببطء
وبخطوات الواثق من
أنه سيأسرني …!!!
شهقة دعوة الإلهام الشعري بل وكأنها تستدعي شيطان شعرها بل هو من يدنو منها ( الإلهام والشعر) هو من يتشبث بتلابيب الشاعرة ،،، هو من يبحث عنها…. هو الحرف العربي ..هو ( لغة الضاد)…!!! تعبير في غاية الرقة والعمق عن أن الشاعر مهووس بالشعر ..مجنون بحب النبض الآسر …
يقتحم صومعتي…..
بين همسه المبطن
كناية عن أنها تنظم الشعر على طريقتين : بالأشتغال على المجاز والاستعار والكناية وضروب البلاغة إلى أن تصبح قصيدتها آية أو صدفية في جوفها الدرر الغالية …لا يمكن لك أن تصل إلى اللؤلؤة دون مكابدة وجهد لفتح ( الصدفية) / القصيدة !!!!
وتارة تنظم قصيدة بالشكل أو على الشكل الآتي ..قائلة :
يقتحم صومعتي…
بين همسه المبطن
وابتسامته…ورزانته
ورجاحة عقله !!!
صور شعرية غاية في الجمال التعبيري ؛ لتقول لنا : إنني لا أنظم شعرا على وتيرة واحدة ؛ فمرة انحاز كليا إلى الاشتغال على كل صنوف البلاغة من مجاز وكناية…أخفي مضمون النص بين نهدي السطور والأبيات فلا يطلع عن المستور إلا من حباه الله بنعمة القراءة الحقة وخبرة كيف يسبر ويغوص في البحر ليلتقط الدرر الغالية الكامنة في أعماقه …وأخرى أنظم الشعر في حلة الفرح والسرور الغالب على قلبي وفكري ووجداني وشعوري ..ومرة أخرى أنظمه في مواضيع ( فكرية) وهو ما أشارت إليه الشاعرة ب( رزانته
ورجاحة عقله !!!!
يا لروعة الوصف لحال الشاعر الأصيل الذي ينساب من الشعر تلقائيا وكأنه شلال حروف من الزمرد والمرجان!!!
لنستمع لصورة شعرية فنية أخرى .. .
تقول الشاعرة :
يدنو وكلما دنا تتلاشى صورته
القاسية .وترتاح له روحي..!!
نعم ، هي الحقيقة !! أسألوا أي شاعر مهما أوتي من إلهام كيف تندثر لديه لحظات إلهام !! كيف يترأى البوح قريب المنال لكنه سرعان ما ينفرط منه البوح ويتبعثر كما تنفرط حبات السبحة !!
ودليلي القاطع الذي سبق لي أن آليت نفسي على الاستشهاد به هو قولها :
سيد روحي قد أسميته
خربشات على جدار الروح !!!!!
ملخص كامل حرفي ومهني ومجازي للقصيدة كلها في سطرين شعريين شاعريين !!! تجميع مقاطع عدة في سطريين !!! وهنا تكمن براعة الاستغلال أيضا على مفهوم الايجاز التام للمعنى في مبنى مركز!!!
قصيدة الشاعرة الأديبة د/ ذكاء رشيد نموذج حي لما يجب أن يكون عليه الشعر والروح من الشاعر …فهو صورة مصغرة لشخصية وفكر وثقافة وعاطفة الشاعر ….هو المرآة الحقيقية التي تعكس بجلاء شاعرية الشاعر أو العكس تماما …
تحية تقدير واحترام لشاعرة مثقفة …تعرض مواضيع ذات حساسية في أسلوب لبق واع وبكثير من الحرفية والمهنية وفي أريحية راقية جدا واحساس بالمسؤولية التي أناطتها على نفسها في الدفاع عن لغة الضاد في أبهى صورها وجماليتها وعمقها الفني الآسر .
*****
تحية لكم أختي الفاضلة د/ ذكاء رشيد
❤سيد روحي ❤
….
يدنو مني ببطئ
وبخطوات الواثق من
أنه سيأسرني ..
متماسك ممتشق الطول
وبكل خشونة الرجال
وفروسية الأبطال
يقتحم صومعتي …
بين همسه المبطن ..
وابتسامته …ورزانته
ورجاحة عقله
يبدو وكأنه طفل أمامي …
أعلم بحبه …وبنبض يختلج
في صدره ..وقاموس من الغرام
يخفيه عني …
يدنو وكلما دنا تتلاشى صورته
القاسية وترتاح له روحي …
رويدا رويدا …بدأ يتسربل
بأعماقي …يتغلغل في حياتي
يحنو على قلبي …
يخشى على روحي ..
من أن تخدش …..
يحافظ على نقائي …
وكل ما ينطقه …
حروف صارمة كأستاذ معلم
وأبجدية هيامه تتراقص امامي
لتكّون نوتة عشق خجلى
لم تكتمل معزوفتها …
ولاحتى قيثارتها انتهت
من تلحينها
.. ….
أتراه بعد كل هذا يحبني …
أم …أدمن قربي …
وعاش حلمه في حلمي …
أيا ترى …!!!
سيبقى نقي بطهر الياسمين
……
و ..في نقائي كنت ابحث عنه
بكل تراتيل الغرام ..
سيمفونية حب نقي ..
لم يتجاوز نبض قلب قد عَشِقَ
وروح بحبه تبتهج
وأملا جاوز المدى
وسكن واقعا وأمسى
حياة لروح متعبة
أحببته وعشقت قربه
وسيبقى معي دوما
عَبِقاً بندى الورد
مغمسا بأريج الياسمين
سيد روحي قد أسميته
خربشات على جدار الروح
…بقلمي
درة رشيد .. د.ذكــاء رشـــيد