

كتبت : عزة راضى
يعتبر “كتاب الموتى” أحد أهم المصادر التى سجل فيها قدماء المصريين معرفتهم بالعالم الآخر ، و هو بالقطع ليس المصدر الوحيد ، حيث أن قدماء المصريين سجلوا العديد من النصوص الدينية التى تتناول العالم الآخر بشكل تفصيلى ..
يعتبر “كتاب الموتى” هو أكثر النصوص التى تحوى صور
و تفصيلات ، و هو النص الأكثر تداولا بين علماء المصريات و أول شئ يجب الانتباه اليه هو أن اسم “كتاب الموتى” ليس هو الاسم الأصلى الذى كان يستخدمه قدماء المصريين للاشارة لتلك المجموعة من النصوص الدينية ، فهذا الاسم هو من ابتكار علماء المصريات الذين أستحدثوه لأنهم عثروا على تلك المجموعة من النصوص على هيئة برديات كانت توضع بين لفائف المومياوات ،
أما الاسم الأصلى للكتاب كما كان معروفا عند قدماء المصريين فهو “كتاب الخروج الى النهار” أو “برت – ام – هرو” (pert – em – hru) .
يشير الاسم الى أهم صفة لعالم الدوات (العالم السفلى) و هى وقوعه كمنطقة وسطى (برزخ) بين الليل و النهار بين الظلمة و النور ، و من تلك المنطقة الوسطى أو البرزخ تمر روح الانسان بعد الموت لكى تعبر من الظلمة الى النور ، و تخرج (تبعث من جديد) من الليل الى النهار ..
قام علماء المصريات بتقسيم كتاب الموتى الى حوالى مائتى فصل و يعود هذ التقسيم الى علماء القرن التاسع عشر و أهمهم العالم لبسيوس (Lepsius) و الذى قام بتقسيم الكتاب و ترقيم الفصول بناء على نسخة متأخرة منه تعتبر كاملة “تقريبا” ..
لا يوجد نسخة واحدة من كتاب الموتى تحوى كل فصوله المائتين كاملة و انما عثر العلماء على فصول متفرقة فى كل مقبرة وجدوه فيها ، لذلك فلا يوجد “كتاب موتى” واحد كامل دونه قدماء المصريين ، و لم يكن قدماء المصريين يدونون فصول الكتاب حسب ترتيب واحد ثابت و انما ترتيب الفصول يختلف من نسخة الى أخرى ..
بردية آنى على سبيل المثال تبدأ بالفصل رقم 15 ثم يتبعها الفصل
رقم 30 ثم بعد ذلك فصل رقم 1 ثم الفصول رقم 22 , 72 , 17 , 147 , 146 و ترقيم فصول الكتاب حسب ترتيب ليبسيوس ما هو الا وسيلة لتسهيل عمل علماء الآثار أثناء قيامهم بترجمة الكتاب و مناقشته ..
من الصعب تحديد اذا كان هناك تسلسل أصلى للفصول أو تسلسل زمنى لرحلة الروح فى الدوات (العالم السفلى) و النص لم يكتب أصلا لكى يقرأ كاملا بترتيب معين و انما كان قدماء المصريين يسجلون أجزاء منه لتوضع مع المومياء ، كل نص من النصوص له هدف معين كتب من أجله ..
كان كل نص يصف مرحلة معينة من التطور “النفس/عقلى” (psychic) فكل مرحلة يجتازها الانسان يصبح بعدها مؤهلا للانتقال الى مرحلة أخرى ..
فكرة ترتيب النصوص ترتيبا زمنيا محددا هى فكرة غريبة على العقلية المصرية لأن طريقة اجتياز الدوات تختلف من انسان الى آخر ، كل شخص حسب درجة نضجه ووعيه و حسب درجة المعرفة الروحية التى توصل اليها فى حياته الدنيا ..
برغم ذلك يمكننا أن نستشف من النصوص المختلفة لكتاب الموتى
أن الرحلة تبدأ دائما بمرحلة معينه تعرف باسم “فتح الطريق” و تنتهى بمرحلة “الخروج الى النهار ” ..
من كتاب (Temple of the Cosmos) للكاتب البريطانى Jeremy Naydler