فنجان القهـوةِ
بقلم الشاعرة التونسية
ريم منصّر
عدلت عن شرب القهوةِ
تلك التّي كلّ مرّة أطلب منها
أن المزاج لي عَدّلِي
ومن كلّ رشفة منها
إلى المدى البعيد…إيّاي احملي.
كي ترفرف وسط هذا الصّدر الفراشات
ويُسمع في حنايا هذا القلب تغريد البلبلِ.
وبكلّ هذا لا أكتفي
إذ أرجو الحمام الزّاجل
أن أمري للحبيب …لا تفضحي
وعن إيصال شوقي إليه…اعدلي
لا تخبريه عن خافقي ونبضه المتباطئ
ولا حتّى عمّا صنعه بي النّوى
من كدر…قلق ومللِ.
أنت يا حمامتي لي وهو ليس لك من شيء
أناشدك في أمري …أن تنصفيييييني…اعدلي.
عدلت عن شرب القهوةِ
كي لا تلمح عيوني اسمه
وسط الفنجان…على جوانبه…وفي الأسفلِ
غدت حروفه كأنّها انصاعت لأمره
أن هنا وهناك…كلّ هنيهة
أمام ناظريها اختالي.
كأنّي بها قدِمت كي تذكّرني به
… كي تراقبني وتخبرني كيف أصاب حاله
من دوني الكثير من الإخلالِ
وتستطلع في التّنائي عنه… حالي.
عدلت عن شرب القهوةِ
لأنّي أضحيت مع كلّ فنجان ألتقيه
غدت هي من يضرب لنا للّقاء…موعدا
فما يكون من نبضي
بدل الثّبات…إلاّ أن يزدادَ
والضّلوع لا تنفكّ تهتز من الغبطة
كأنّ أحدهم لها كَسر للكتمان القيدَ
والرّوح المخذولة…كأنّ جُلّ مطلبها
هو …لصفيّ الرّوح الإيجادَ
ناهيك عن حروفي التّي لطالما رجَت الانفلاتَ
وكلماتي التّي انعتقت من الصّمت
بعد أن فكّ لها الأصفادَ
يا ويلتي… أكيدة أنّها ستبوح بلواعج هذا الفؤاد
وما خُطّ على شغافه وحتّى من سكن الوتين
لن يستلزم منها الأمر
نظم قصائد …لا عناء أو إجهادَ.
عدلت عن شرب القهوةِ
لعمري وجب عنها عاجلا … الابتعادَ
نرجو أنا وقلبي على الفور
من العقل التّدخّل السّريع و الإرشادَ
وممّا تبقّى له من حكمة ورصانة… الإمدادَ
أعلن كلانا عن وعي و إدراك … به الاستنجادَ
غدا فنجان القهوة فاضحا للأمر
وللخصمان مرسالا ومصلحا لذات بينهما …أو كاد
أضحى فرصة تُجدّد لهما الميعادَ.
*****
بقلم الشاعرة
ريم منصّر
تونس