كتبت تهانى عنانى
إن من أخطر الأمراض التي تواجه الإنسان في حياته وعمله هو آفة التسويف والتسويف بكل بساطةهو:-
1-التأخير والمماطلة:- ومنه قوله تعالى (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين)
(آل عمران:133).
2-التهويل:- ومنه قوله تعالى(لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون) (الأنعام:76)، قوله تعالى
(ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون) (الحجر:3).
3-الوعد:- ومنه قوله تعالى(ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما) (النساء:74)، وقوله(وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما) (النساء:146).
4-الوعيد:- ومنه قوله تعالى(قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا) (الكهف:87)، وقوله(فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا)(مريم:59)
وإن من أخطر أنواع التسويف واعظمه هو التسويف فى علاقة الإنسان مع ربه وخالقه لما لها من آثار منها:-
1-الحسرة والندم:- يقول تعالى(حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) (المؤمنون100:99)،
وقوله(وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فاصدق وأكن من الصالحين، ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعلمون (المنافقون11:10)،
وقوله (ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين) (الأنعام:27).
2-الحرمان من الأجروالثواب:- صدق الله الذي يقول(إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل) (الزمر:15)، وقوله
(إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين في عذاب مقيم) (الشورى:45).
3-ضياع الهيبة وعدم القدرة على التأثير في الناس:- كما قال سبحانه (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيـدا) ( البقرة:143)، وقوله
(ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس) (الحج:78).
وجاءت السنة النبوية زاجرة بالتحذير من التسويف والتحريض على المسارعة على الخيرات، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرجل وهو يعظه(اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) (صحيح الترغيب)
وقال صلى الله عليه وسلم (اللهم اني اعوذ بك من الهم و الحزن, و العجز و الكسل, و البخل و الجبن ,و ضلع الدين, و غلبة الرجال) (صحيح البخاري).
وجاءت الآيات الكريمة كثيرة تحث على المسارعة إلى الأعمال الصالحة وعدم تسويفها على النحو التالي:-
1-أخذ النفس بالحزم وقوة العزيمة يقول سبحانه(وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون، واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون، أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين، أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين، أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين، بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكـافرين) (الزمر59:54).
2-تذكير النفس دوماً بأن التسويف عجز وضعف،
ورضي الله عن سيدنا عمر حين قال”من القوة ألا تؤخر عمل اليوم إلى الغد”.
3-دوام الدعاء والضراعة إلى الله عز وجل بالتحرر من العجز والكسل يقول سبحانه (ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) ( غافر:60)، وقوله(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) (البقرة:186).
4-أن تقوم الأمة كلها على المستوى القيادى وغير القيادى فى متابعة و محاسبة المسوفين:-
قال تعالى(والمؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و يطيعون الله و رسوله)(التوبة:71)
كما ينبغى للمؤمن معايشة السلف في نظرتهم إلى التسويف،
قال لقمان لابنه يا بني لا تؤخر التوبة، فإن الموت يأتي بغتة، ومن ترك المبادرة إلى التوبة بالتسويف، كان بين خطرين عظيمين:- •أحدهما أن تتراكم الظلمة على قلبه من المعاصي، حتى يصير رينا وطبعا فلا يقبل المحو .
•الثاني أن يعاجله المرض أو الموت فلا يجد مهلة للاشتغال بالمحو.
ويقول الحسن البصري رحمه الله، إياك والتسويف، فانك بيومك، ولست بغدك، فإن يكن غد لك، فَكِسْ فيه -أي اعمل عملا تكون به كيسا- كما كست في اليوم، وإلا يكن الغد لك، لم تندم على ما فرطت في اليوم. فالإنسان حين يأمن العقوبة قد يسيء الأدب، وحين يأمن الإنسان مكر الله وعقابه، ويمني نفسه بعفو الله ومغفرته فإن ذلك يوقعه في التسويف والتأجيل طالما أنه استقر في نفسه أن الله عفو غفور رحيم، لكنه نسي أن الله تعالى شديد العقاب وأن بطشه شديد وأن عذابه أليم وأنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.