تهاني عناني
قال تعالى(وجئتك من سبإٍبنبإ يقين)
(النمل:22)
لو تأملنا قصة طائر الهدهد مع نبي الله
سليمان فى القرآن الكريم لوجدنا
مشهداً إعجازاً واضحاً ، في استخدام
هذا الطائر الذي كان أشبه بوكالة أنباء
ذلك الوقت في نقل الأخبار بدقة
ومصداقية وأمانه.
فكان سبباً في إسلام أمة بأكملها.
فذات يوم خرج من فلسطين ، وأخذ
يطير حتى تعدى جزيرة العرب ، وصل
إلى اليمن، فرأى عجائب ، أنهارًا وجبالًا
وقصورًا ووديانًا ، ولم يلبث طويلًا، لأنه
كان في مهمة مع دين الله، فرجع ووقف
بين يدي نبي الله سليمان ، وأخذ
يخاطبه بلا خوف أو هلع ، لأنه ليس
مذنبًا حتى يخاف ، ولم يكن في نزهة
خارج عمله ، فقال (وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ
يَقِينٍ) ، جئتك بخبر لم تطلع عليه ، رغم
القوى المسخرةبين يديك لخدمتك ، من
الجن والإنس والطير ، جئتك بخبر
صادق وليس بإشاعةمغرضة ، أو خبر
مزيف، واثق في نفسه ، فأعلم سليمان
ما لم يكن يعلمه ، فكان هذارد على من
قال إن الأنبياء تعلم الغيب.
ولجأ الهدهد لهذه المقدمة ليمتص
غضب سليمان عليه السلام بسبب
غيابه ، فدفع عن نفسه ما توعده له
بالعذاب والذبح، فكان منضبطاً في نقل
الأخبار، لم يقل سمعت، أو قرأت أو كما
وصلني ، والأجمل موقف النبى سليمان
في التعامل مع ما يصله من أخبار ،
وكيفية التثبت منها.
ومع علمه أن الهدهد لا يجرؤ أن يكذب
عليه ، قال(سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ
الْكَاذِبِينَ ) (النمل:27)
فبعد اختباره لصدق الهدهد أعطاه
خطاباً ليلقيه عند ملكة سبأ وقومها ،
فكان سبباً في تحول مجتمع كامل من
الكفر إلى الإسلام وإيمان القوم
بأسرهم.
فاليوم واجب كل مسؤول حمل أمانة
العمل وترأسه ، التعلم من طائر الهدهد،
في قصته مع سليمان ، (لغة) تحري
الأخبار ، والتثبت من صحتها. فالتثبت
من الأمر مطلب ديني ومن مناهج
الأنبياء قال تعالى ناهيا اتباع سبيل
المفسدين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن
جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا
قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ
نَادِمِينَ) (الحجرات:6).
وقال عليه الصلاة والسلام “التبين من
الله ، والعجلة من الشيطان ”
(صحيح الجامع).
وكما قيل :-
القلوب حقائب ،
فلا تضع في حقيبتك ،
غير الذي تقوى على حمله .