ست الحسن والجمال
أمام مرآتها تسرح بخيالها مع صورتها
عندما تهاوت على جبينها بعض الخصلات الناعمة المنسدلة
التي هربت من شعر كسلاسل من الذهب يكسوه بريق بنى
كم استمعت لكلمات تصف جمالها وهي سيدة أربعينية على مشارف الخريف
سنوات طويلة مرت من العمر لكنها ترى بعينيها الواسعتان ذوات اللون البنى التي تلمع ببريق وعاطفة وسحر أخاذ
وتحدق بنظرة خيلاء لوجه تعلوه ابتسامة رقيقة،
من ثغر ينافس حبات الكرز في اللون والرسم والمذاق،
وخدود لا تبخل على ناظرها بالحسن والحيوية
لقد صاغها الله بصياغة الحسن والجمال أنها ذات حسن بارع وجمال رائع
ترقرق في وجهها ماء الحياة من نبع صاف عذب
لها مهابة تخشع لها العيون
باسمة الثغر مشرقة الطلة،
لها إطلالة مفعمة بالأنوثة والرقة والحيوية
تتذكر أملا كان يراودها لطالما كانت تحلم أن تخرج للعالم كله ليصل هذا الجمال للعالمية حلمها كان حلمها …
أن تتوج ملكة جمال العالم
أن تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم،
لكن ليست كل الأحلام نستطيع تحقيقها
آه يا أمي …
أعلم أننا في مجتمع تحكمه عادات وتقاليد تحجم طموحي ولا ينتهي لهذا الحد بل أيضا الجميع يمنح نفسه الحق في التدخل في خصوصيات الأخرين.
تنظر لصورتها بالمرآة وتتساءل أحقا وبعد مرور كل هذه السنوات
أيمكن أن يبقى الجمال رغم مرور الزمن ورغم كل ما مر عليها من سعادة كانت أو أحزان
ألم تترك عليها الصدمات أثر،
أليس لها علامات أو بصمات تعلو ملامحها،
أم أن من ينجذب لجمالها حين يراها لا يأبه لما تراه هي؛
هنا بعض الخطوط التي تنكسر تحت عينيها
فكم من ليلة باتت ودموعها تتسابق من لوعة وفراق الحب الأول
أو من كلمة تؤلم من حبيب وكم من بكاء لم تملك زمامه لخذلان أو انكسار أو حتى شعور بعدم الاهتمام
وهناك خطوط في الجبين الساطع بالجمال كخطوط أشعة الشمس الذهبية من ينظر اليها لا يستطيع أدراك مدى توهجها وشدة وضاءتها
هي فقط من ترى وتعي أسباب هذه البصمات التي أودعها الزمن على قلبها قبل وجهها
ويا لها من روعة التوثيق لعمر مر عليها بكل ما عانته وتحملته
رائع ذلك الخط المائل الطويل الذي يقسم خديها كنهر يقسم دفتيه ليتدفق ويسرى بسلسبيل بين العروق
جلست على مقعدها أمام المرآة تضع لمساتها التي تزيدها جمالا وهي تسرح بخيالها لماذا يلح عليها الجميع بهذا السؤال عن سر الجمال والحيوية
هي تعرف جيدا أن جمالها نابع من جمال الروح والرضا وسلامها الداخلي مع النفس
فرغم كل ما مر بها الا أنها كانت دائمة الرضا واليقين بأن الخير فيما كان
وما سيأتي فيه كل الخير..
أما أنت يا أمي سببي الاول للإبقاء على هذا الجمال الذي رزقني الله
فقد كنت أحب دوما أن تحكى لى كل ليلة عن ست الحسن والجمال التي كانت بطلة الحدوتة
وأيضا لازمتني لتصبح بطلة قصة حياتي وتلبسني حسنها لأظل حتى الآن ملكة الحسن والجمال بفضل منك يا أمي
لكن يظل الأمل يراودني لتحقيق حلم حياتي الذي تأخر كثيرا إرضاء لمجتمع يقتل كل الأحلام
ترى مازال هناك أملا في تحقيق الحلم أم أن خطوط الزمن جعلته ينهار.
عزة راضي
موقع ومضات