مقالة أدبية بعنوان
(سألتني من أنا)…!
بقلم الأديب
أحمد محمد الحاج القادري
مضي زمن طويل من عمري وانا أبحث عنها سافرت عبر الصحاري والوديان والسهول طلعت الجبال الشاهقة ليلاً و نهارا، لم أترك كهفا ولا ملجأ حتى أدخل فيه، لم أستطع النوم لحظة واحدة، شربت المر والعلقم والدموع التى تسيل كأنهار بل فيضانات هائجة على خدودي ، تقطعت حذائي وتمزقت بسبب هذا السفر الطويل ، لم يكن لدى وقت لإصلاحها فتركتها في مفترق الطرق ومشيت حافي القدمين، فكنت تارة امشي على الاشواك عندما أشعر بوخزة بقدمي لأنه بسبب الجوع والعطش وكثرة السهر لم أرى أمامي بوضوح ، حتى كنت في بعض الأوقات أرى جسدها أمامي تمد يدها فتقول لي : تعال يا قلبي أسرع لا تتأخر سأنتظرك ثم تبتسم فأحاول أن أمشي بسرعة نحوها ولكن يغلبني النعاس، أحاول النهوض ولكن هيهات لم أستطع بسبب الإرهاق والتعب.
لم يوقظني من هذا النوم العميق إلاّ حرارة الشمس عندما لمست وجهي فنهضت وتابعت السير لم أعرف أين أنا!
تارة أرى أشجار عالية وتارة أخرى تغوص قدمي برمال الصحراء، ومن شدة العطش والتعب أرى أمامي سرابا كأنه ماء ففرحت فرحا شديدا فشعرت بالنشاط والحيوية فأسرعت نحو هذا السرآب حتى وصلت ولكن لم أجد الماء فقلت في نفسي : أين أنت يا حبيبي.
وبعدها سقطت مرة ثانية على الأرض وسط الصحراء فنمت نوما عميقا ولم انهض إلاّ عندما شعرت بماء بارد على وجهي، ففتحت عيني ببطء وقلت : من أنت؟
قالت : أنا حورية، ومن أنت؟
قلت لها :أنا أبحث عن قلبي، ضاع مني منذ فترة طويلة، هل رأيتها مرت من هنا؟!
قالت لي : لا.
ثم ذهبت وتركتني، فحاولت النهوض وأنا أناديها بأعلى صوتي : اخبريني ولاتتركيني وحيداً هنا.
فنظرة نحوى وقالت : هيا إنهض وتابع البحث عن حبيبتك؟!
فنهضت وتابعت المسير حتى وصلت إلى بيت وسط الغابة قلت في نفسي ربما تسكن حبيبي فيه.
فطرقت الباب وأنتظرت قليلاً فسمعت صوت أمرأة يقول : من الطارق؟!
فعرفت صوتها وقلت : أنا، والفرحة تسري بجسدي كسريان الدم بشرايين وأوردتي.
ففتحت الباب ثم سألتني من أنا!
قلت لها : أنا من هجرتي وعذبتي قلبه شهور وأعوام، فمن أجلك سافرت الصحاري والوديان والسهول وطلعت الجبال الشاهقة وتحمل الجوع والعطش ولدغ العقارب ووخز الاشواك وحرارة الشمس وحرارة رمال الصحراء وكنت أشرب من دموع عيوني المالحة وتحملت الألم والعذاب، والآن تسألني من أنا!
***
بقلم الأستاذ /أحمد محمد الحاج القادري
اليمن