قراءة في.. لا شيء يدعو للثقه
بقلم / الكاتبة وفاء أبو السعود
” لا شيء يدعو للثقة “مجموعة قصصية للكاتبة والاديبة نجلاء احمد حسن
بأسلوب سردي متعمق في بعض التجارب الحياتية،
استطاعت فيها الكاتبة ان تعيشها خيالا قبل ان تسطرها يداها كقصة،
فأصبحت تحكي بلسان حال كل تجربة بأبداع بالغ، وحس مرهف، يصف كافة التفصيلات، ويوشي بأدق الاحاسيس.
ورغم تأكيد الكاتبة بان العمل الفني ليس بالضرورة ان يكون مستقي من قصص عاشها الكاتب والا كانت التجربة واهيه،
لتؤكد ان قصص سردها مستوحاة من حياة الاخرين، الا ان نجلاء احمد الإنسانة متواجدة ليس في كل قصة، بل في كل سطر
حيت سطرتها الكاتبة بخبرة حياتية مدادا لسنوات كثيرة استطاعت فيها الكاتبة ان تثقل خبرتها الأدبية والحياتية والفلسفية بشكل كبير أضفى على كل قصة روعة الإبداع ودقة الوصف
بدأت الكاتبة أولي بصماتها في الكتاب في مقدمتها بكلمة مبدعه قد تكون قانون للحياة
((حينما تريد … تُخلق لك الاشياء)) وان كانت هي قانون للحياة فهي منهج الكاتبة المتحدية والمثابرة والمغوارة والعنيدة في الوصول الي ما تصبوا الوصول اليه.
كلمة تحمل في مضمونها سر نجاح الناجين وتوضح كذلك سبب فشل الاخرين،
موضحة ان ارادة الانسان هي الطريق الذي سيسوق الانسان فيه نفسه
استطاعت الكاتبة ان تجذب انتباه القاري ومن اول وهله وتجعله يقرأ قراءة متأنية بعين ثاقبه حينما اوضحت رؤيتها بعدم تقديم المجموعة من قبل كاتب أو أديب ٱخر وهو عُرف سائد
معللة ذلك بأن المقدمات الأدبية قد تكون بمثابة ان يقود المبصر الي طريق ما، وهو ما يعكس خلفيه الكاتبة الواسعة واطلاعها ورؤيته التحليلية الثاقبة ملقية بمسئولية النقد كامله على القاري مستثيرة حسه الأدبي وتذوقه
مشيدا بإيجابيات العمل، مشيرا الي اي ذلل او نقص او خلل قد يتواجد.
حينما تقرا المجموعة القصصية وهنا اتحدث من خلفيتي الأدبية والصحافية تجد ان الكاتبة تتمتع بعين ثاقبه تطلع على ادق التفاصيل بسهولة ويسر بالغ ولديها قدرة ابداعية تصويريه فائقة
وذاكرة قوية وتحليليه تستطيع بها وصف الحدث تفصيليا كما ان الكاتبة لديها القدرة لتغوص بنا بشكل عميق في اغوار واسرار النفس البشرية
ولديها من الحصيلة اللغوية والتشبيهات الأدبية ووصف الصورة بسحر الكلمة ودقة التعبير بشكل كبير حتى انه تكاد ان تنسي الحدث وسط استمتاع سرد الوصف
ما بين جرح مقدس، وصمام القلب المتجمد ،، والصباح الاخير تصف فيهم الكاتبة كل من بطلات قصصها لتجارب واقعيه يعيشها معظمنا
مشيرة الي ان هناك جروح قد تترك علامات داخل تجربه الانسان متلذذة به كونه جاء من اكثر الناس ثقه ومن اقرب المقربين
ورغم انه جرح الا انها سريعا ما تستفيق من كبوتها بعد ان ترك هذا الجرح الغائر تأثيرا قد اثقل تجربتها واعطاها من القوه ما تستطيع ان تُكمل به المسيرة
ومحفزا لاستمرار خطواتها متمسكة بحلمها وبتحقيق اهدافها مهما كانت العواقب
واختتمت القصة بانه ورغم انه جرح الا انه لم تعد لديها القدرة العيش بدونه وانه لا قيمة للحياة الا في حضن ذلك الجرح المقدس
اما صمام القلب المتجمد فتلك القصة التي تعيشها سميه وكثير من بنات جنسها حينما يشق الملل والفتور صمام الحياة
وتبدا خطوات الغربة تتسلسل بين الشريكين مسلطه الضوء علي ان روح الأمومة التي ورغم كل الاوجاع التي تكاد تقتل الكثير من السيدات
وتحاول ان تجتث جذورهم
الا ان تلك الامومة هي ذلك الدافع الحقيقي الذي ينتشل بطلات القصة من رحم الموت كما انها الدافع الحقيقي للبقاء والتشبث بالحياة
اما الصباح الاخير والقصة الأبدية انه لا يستطيع الرجل بطبيعته البشرية ان يشعر بنعمة الحياة مع شريكة العمر الا بعد فوات الاوان
وحينما يحاول تصحيح مساره يكون في لحظة عدم وجود الفرصة، فقد تأخر كثيرا حتى ضاع من بينهم أجمل ما كان يجمعهم وحتى ألت ناديه الي الخروج ليس من حياته وانما من العالم.
أصل ابيض وصورة وردية ودوامات الثقب الاسود اشارة الي زوج ندى الذي أدمن المعاناة واسس به حياته وحياة الاخرين
ولم يكن لدية القدرة على مواجهة المشكلات وأدمن الهروب من كل شيء حتى داهمه المرض وأثقل عليه دون علاج
وقد ابدعت الكاتبة في وصف دقيق لكامل التفصيل وبشكل محدد لشكل ندى بكامل هيئتها كما وصفت دقة الاحداث
وقدرة المرأة المصرية على استيعاب اوجاع زوجها وتقديم كافة اشكال الدعم المادي والمعنوي وبذل كل الجهد لإنقاذ زوجها في وقت متأخر وظروف جوية صعبه
وقد وصفت الكاتبة حال العالم وشيوع الالم بوصف رائع في كلمتها
“” ان اصوات الالم حنجرة العالم كله عبر القارات حروبا ومجاعة واوبئه “” تلك العبارة العبقرية التي عكست رؤية الكاتبة ومعاناتها وادراكها لحقيقة الكون
دوامات الثقب الاسود، والقصة المتكررة لأم تُجيد كل انواع العطاء لكل من حولها ولا أحد يفطن انها ايضا في حاجه للاهتمام مشبهه الكاتبة تلك الارواح بالشمس والقمر والنجوم التي تبث شعاعها عبر الاثير
ولا أحد يمنحها ولو جزء يسير من الاهتمام حتى بدا الياس يستحوذ على معظمها الي ان اعادتها ابنتها الصغيرة المراهقة الي روح الحياة بعد ما كادت ان تستسلم الي الموت
ان الكاتبة لديها القدرة الابداعية ودقة التعبير في وصفها روح الحياة والسعادة والانتشاء والحيوية حتى تصل الي روح القاري وكأنه يعيش نفس الحالة ويستشعر الحدث فعليا ويتصور تفاصيله وهنا منهج اخر تعيش به الكاتبة يتضح من كلماتها
“” من لم يصن روحة بات مهموما فاقد كل معاني الحياة ومن اطلق فيها السمو عاش أكثر من عمره سنوات، وقد تمتد لقرون””
وهي دعوه للخلود الانسان شرط ان يسير وفق المنهج
حلم – قصة كفاح لإنسانه تعلم حقيقة الواقع مسلطة الضوء علي بعض التحديات والمعوقات في افكار المجتمعات الشرقية خاصة عدم المساواة بين الرجل والمرأة
والاهتمام بالدرجات العلمية واعطاء اصحابها الاولوية ومنحهم قيمة المكانة العلمية
ولو كانوا شخصية اقل فهم و ابداع وحرمان شخصيات اخرى رغم انهم اكثر عطاءا ونجاحا وابهار و قدرتهم الواضحة علي تطوير العمل
ان جنس الكاتبة طاغي علي كتابتها فكل ابطال قصصها سيدات
واهتمامها البالغ بكل ما يخص المرأة من وصف الجمال وتفاصيله واناقتها ومشاعرها واحباطاتها وما تعانيه المرأة في المجتمعات الشرقية
ورغم تأكيد الكاتبة علي انها قصص واقعية لأخريات
الا ان روح واحساس نجلاء احمد لا ينفصل بالمرة عن تلك السطور التي اظهرت ان الكاتبة تعشق الطبيعة بكل تفاصيلها وتتناغم أحاسيسها مع كل مفرد من مفردات الحياة ،
فتنتشي لسماع الاصوات البحار وتتفهم لغتها ، ويضحك قلبها ضحكا يضاهي ضحك السماء الصافية ، ويتراقص قلبها مع رقص اغصان الاشجار