المُريد
قصة قصيرة للراوى إبراهيم بن على
المُريد .. داخل كيان كل منا هناك إيمان راسخ بوجود نصف مفقود غير مُكتمل هذا النصف قد يتم أستكماله عن طريق الأنغماس فى العمل أو السفر أو القراءة أو قد يكون فى هيئة بشر فإذا عثرت عليه فى الهيئة الاخيرة أصبحت إنت ذلك المُريد وإليك هذه القصة ..
** يوم مشهود في تاريخ مدينتنا العتيقة ..
– أقف وسط الجموع الغفيرة الحاشدة في أنتظار ظهور «مولانا» قلوبنا مُعلقة به حد العشق وعيوننا ثابتة لا تكاد تطرف لحظة ولا تتحرك بعيداً عن باب داره الأنيقة ،
شدة الشوق إلي «مولانا»
منعتنا من أنتظاره في المسجد الرئيسي المُلحق بمدينتا القديمة فما أن علمنا بعودته إلي الديار بعد فترة غياب وطول أنتظار إلا وأسرعنا لنُحيط بداره في لهفة المُشتاق إلي المُشتاق .
– كم أعشق مولانا ومغرم به أنا ومفتون أنه رجل مُهيب ألقي الله المهابة علي وجهه بحيث يكفي نظرة واحدة إليه لكي تصمت وتنصت وتستمع،
يوماً ما كنت أسير جواره في أحدي شوارع مدينتا العريقة حينما سألته فجأة «من أين لي أن أحبك مثل كل هذا الحب حتي أنني أكاد أحبك أكثر من ذاتي حد الفداء بالنفس ؟!»
فأجابني في بساطة وهو يربت علي رأسي « عندما تعرف روحك روحي تلك المعرفة التامة وتألفها وتتعلق بها لهذا الحد فتأكد أن كلا الروحين كانت روحاً واحدة في الماضي وأنا روحي مُحبة لك!»
– وأخيراً ظهر «مولانا» يا لرب السماء والأرض ما كل هذا الجلال والجمال والمهابة ورغم أن الشمس مُشرقة بالفعل في سماء مدينتنا الغالية إلا أنني شعرت أنه بطلة مولانا وظهوره كأن الشمس تُشرق من جديد وتبعث أشعتها في ثنايا روحي المتعطشة إليه فتنشر الدفء والراحة في جسدي.
– أنظر معي إلي مئات العيون المُشتاقة و الحناجر التي أنطلقت تشق عنان السماء بالهتاف والترحاب ورغم ذلك ظلت أبتسامة مولانا ذات الوقار والسكينة ثابتة علي وجهه لا تتغير
وأبتسمت في أنبهار مع كل هذا الأحتفاء لا شيء يُخرج مولانا عن هدوءه دائماً هو في حالة رضا تامة لا الغضب يستدرجه إلي سراديب الظلام ولا الفرح يُنسيه ذاته فيخرج عن وقاره وهيبته .