ثقافة التوكتوك
بقلم : حسام صقر
” توكتوك “
أذكر أول مرة سمعت هذا الاسم الغريب حينها على أذني
كنت عائداً إلى مصر من بلد عربي
و رأيت هذا الشئ يجري وسط السيارات في المدينة.
ثم سمعت نسيبي يصيح مناديا : ” توكتوك ” . فضحكت بصوت عال ظنا مني أن عمي ،” أبا خطيبتي حينئذ ” ، يتنمر على تلك المركبة العجيبة .
فهي تشبه التاكسي في تعدد ألوانها الأسود و الأصفر لكنها بالطبع لا تشبهه مطلقاً في اي شئ آخر.
هي مركبة فاقدة للهوية . تجري طوال اليوم ذهاباً و إيابا بلا مسار معلوم ،
و لا بيانات واضحة ، و بالطبع بلا تاريخ نرجع إليه لفهم ماهيتها.
لا أدري كيف تقبلنا وجود هذا الشئ بيننا ، و ألفته عيوننا إلى حد أنه انصهر في كل تفاصيل حياتنا .
حتى أنه غيَّر حتى أفكار الكثير منا ، بل و أخلاق الكثير منا .
تغيرت ملامح شوارعنا و ملامح أدمغتنا .
أصبح الكثير منا يسعى إلى الربح السريع الذي حققه التوكتوك .
أعرف شخصياً الفلاح الذي ترك أرضه بعد ان تجاوز الخمسين من عمر قضاه في ريها بعرقه .
و أعرف النجار الذي أغلق ورشته ، و صاحب الدكان الذي تركه لتقف فيه زوجته ،
و النقاش الذي أقلع عن مهنته . كلهم تحولوا إلى ” توكتوك ” . بل
و الكارثة الكبرى ، المعلم ، معلم يخرج من مدرسته بعد إذان الجرس بانتهاء اليوم الدراسي ليقود توكتوكه الذي كان قد أوقفه أمام بوابة المدرسة.
فقدنا هويتنا حين قبلنا هذا الشئ الدخيل على مجتمعنا .
فقدنا قيمة الأشياء لنحظى بثمن الأشياء ، و شتان شتان بين هذه و تلك.
ترى هل نعود يوماً إلى رشدنا ، فإما أن نلفظه من مجتمعنا ، أو نغير ألوانه المتعددة إلى لون واحد معلوم و نعطيه هوية تشبهنا .
أتمنى ان أحيا لأرى ذلك اليوم . أتمنى أن تعود إلينا …. ملامحنا .
بقلمي / #حسام_صقر
مجلة ومضات